-->

حكمة الحيوان الحلقة 13

الأديب محمد السويسي 
حوارية حكمة الحيوان الحلقة 
 الثالثة عشر(13) من التراث الليبي  الخفاش والسنونو
بين امل يطير وخوف يرفرف تكمن حكايا ما...؟
الخفاش (من أعماق كهفه)
أسمع خفقانك من بعيد، كأن الريح ترقص على نغمة جناحيك... ما الذي أتى بك إلى مشارف الظلام، يا ابن الشمس؟
السنونو (محلقًا في ضوء خافت):
تبعني الفجر، كعادته، يحملني نحو الأفق... لكن فضولي قادني نحو همسك البارد، نحو المغارات التي تنام فيها معلقًا، كأنك عالق بين الحياة والموت.
الخفاش (بضحكة خافتة):
نحن لا ننام، نحن نترقب... الليل لنا، والظلال رداءنا. أنتم تطيرون مع النور، ونحن نحيا حين تختفون. لم نلتقِ من قبل، ولن نفعل، كما لم يعانق الليل النهار.
السنونو:
وهل في الظلمة ما يُغري؟ أنت تسكن الخوف، وتلتحف الرهبة، ويخترع الناس عنك أساطير الدم والموت. أما أنا، فحين أُطلّ، يبتسم الناس، يقولون: "عاد الربيع".
الخفاش:
ربما لأنك لم تُجبر على أن تولد من رحم الظلمة، تتدلّى رأسك منذ ولادتك، تبحث عن الدفء في قلب البرد. أنا خلقتُ في العتمة، بين صدى الصخر وصرير الريح.
السنونو (بحنو):
لكننا نحلق معًا، أليس كذلك؟ أنت تطير، وأنا أطير. أنت من لحم ودم، وأنا كذلك. ربما لم نختر موطِننا، ولكننا نملك أجنحتنا.
الخفاش:
أجنحتي لا تعرف دفء النهار... ولكن، لوهلة، وأنت تحلق قربي، شعرت بشيء يشبه النور. غريبٌ أن يحمل الطيران معنيين مختلفين تمامًا... أن ترفرف أنت كسلام، وأرفرف أنا كفزع.
السنونو:
وربما، في هذا التناقض، نحن نكمل صورة السماء. أنت فصلٌ من ليلها، وأنا شقّ من نهارها. وربما، لو تجرأتَ يومًا على الطيران في الصباح، لرأيت أن الشمس لا تلسع، بل تدفئ.
الخفاش (صامتًا للحظة، ثم مبتسمًا بطرف جناحه):
وربما... لو جرّبتَ الغوص في كهف، لرأيت أن بعض الظلمة ليست خوفًا، بل هدوءٌ عميق.

(موقع  تتحدث الحروف) 

الكاتب: عايد حبيب

عضو قصر ثقافة عبد الحميد رضوان كما كان مدير مكتب مصر اليوم العربية ومسئول عن مكتب الأهرام الآن سابقاً، وفى الوقت الحاضر هو مدير مكتب الموطنى. كما لديه كتابين منتشرين بشكل واسع في الأخبار

إرسال تعليق

أحدث أقدم
هذا الإجراء غير مسموح لحماية المحتوى.