حوارية حكمة الحيوان الحلقة الرابعة عشر (14) من التراث الليبي
بين السكينة والفزع تكمن حكايا ما...؟
حين يتحاور نقيضان،
لا يكون الحديث مجرد تبادل للكلمات، بل صراعٌ وجودي يتجلى في كل نبضة،
يُعيد تشكيل معنى الحياة في فضاء لا يرحم إلا الحقيقة.
أحدهما، فراشة تنبض بألوان الضوء،
تتراقص على إيقاع أنفاس الزهور،
تعانق النور بأجنحة شفافة، كأنها تسعى لتحويل اللحظة إلى سر خالد،
رمز للبراءة التي لا تعرف سوى الحب والسكينة،
كأنها تعبير عن الوجود ذاته في أبهى صوره،
رقةٌ تسكنها الحرية، ونقاء لا يلوثه الزمن.
والآخر، العقرب، يحمل في ذيله عبء السم،
ووجدانًا مشحونًا بالخوف والحذر،
يرتدي قفاز اللامبالاة، مستعدًا لأن يلدغ حتى ذاته،
يبحث عن البقاء في عالمٍ قاسٍ لا يرحم الضعفاء،
يحكي قصة الألم كشرط لازم للحياة،
مُذكِّرًا بأن الوجود لا ينحصر في الجمال، بل يمتد إلى الجانب المظلم،
إلى لحظات المواجهة التي تكشف عن قوة الذات الحقيقية.
في هذا الحوار العميق،
تتجلى الحقيقة الكونية:
لا وجود للضوء دون الظل،
ولا للسلام دون الصراع،
ولا للحياة دون الموت،
فالفراشة والعقرب وجهان لعملة واحدة،
حيث تُولد من بينهما معنى الوجود بكل تناقضاته.
هما معًا يكتبان قصيدة الحياة،
قصيدة لا يفهمها إلا من عاش بين الألوان والظلال،
من رقص مع الفراشات، وتعلم من العقارب أن القوة ليست فقط في اللدغ،
بل في الصبر والحذر، في الانحناء أمام العواصف، وفي استسلام مؤقت للنفس.
فلتكن قصتهما مرآة لنا،
نعترف بها ونتقبلها،
ونفهم أن الجمال الحقيقي ليس فقط في البراءة،
ولا القوة فقط في الألم،
بل في التوازن الذي يسمح لنا أن نكون إنسانيين:
قادرين على الحب، ومجبرين على المواجهة.
بالحبرالليبي
Tags
روايات